responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 15
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَ لَا تَقْعُدُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ" قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَا يُمْكِنُنَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَالطَّوَافُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ." وَلكِنْ ذِكْرى " أَيْ فَإِنْ قَعَدُوا يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ فَلْيُذَكِّرُوهُمْ. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) اللَّهَ فِي تَرْكِ مَا هُمْ فِيهِ. ثُمَّ قِيلَ: نُسِخَ هَذَا بِقَوْلِهِ:" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" [1]. وَإِنَّمَا كَانَتِ الرُّخْصَةُ قَبْلَ الْفَتْحِ وَكَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَقِيَّةٍ. وَأَشَارَ بقول:" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ" إلى قول:" وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً". قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً. وَالْمَعْنَى: ما عليكم شي مِنْ حِسَابِ الْمُشْرِكِينَ، فَعَلَيْكُمْ بِتَذْكِيرِهِمْ وَزَجْرِهِمْ فَإِنْ أبوا فحسابهم على الله. و" الذِّكْرى " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، أَيْ وَلَكِنِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ ذِكْرَى، أَيْ وَلَكِنْ عَلَيْهِمْ ذِكْرَى. وَقَالَ الكسائي: المعنى ولكن هذه ذكرى.

[سورة الأنعام (6): آية 70]
وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (70)
أَيْ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بهم فإنهم أهل تعنت إن كُنْتَ مَأْمُورًا بِوَعْظِهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا مَنْسُوخٌ، نَسَخَهُ" فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" [2]. وَمَعْنَى" لَعِباً وَلَهْواً" أَيِ اسْتِهْزَاءً بِالدِّينِ الَّذِي دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: اسْتَهْزَءُوا بِالدِّينِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ. وَالِاسْتِهْزَاءُ لَيْسَ مُسَوَّغًا فِي دِينٍ. وَقِيلَ:" لَعِباً وَلَهْواً" بَاطِلًا وَفَرَحًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ [3] هَذَا. وَجَاءَ اللَّعِبُ مُقَدَّمًا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ، وقد نظمت.

[1] راجع ج 5 ص 417.
[2] راجع ج 8 ص 71.
[3] راجع ج 6 ص 413 فما بعده.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست